قمة بوتين وبزشكيان في موسكو: شراكة ومصالح مشتركة

وكالة ايران بالعراقي

قمة بوتين وبزشكيان في موسكو: شراكة ومصالح مشتركة

تنعقد في مقر الرئاسة الروسية في الكرملين، اليوم الجمعة، قمة بين الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين، والإيراني مسعود بزشكيان، من المقرر أن تشهد توقيعاً طال انتظاره لاتفاقية الشراكة الاستراتيجية الشاملة، وبحث سبل الدفع بالتعاون الثنائي في مجالات التجارة والاستثمار والنقل واللوجستيات والقضايا الملحّة للأجندتين الإقليمية والدولية.

وعشية قمة بوتين وبزشكيان أكد المتحدث الرسمي باسم الرئاسة الروسية، دميتري بيسكوف، أن موسكو تولي أهمية كبيرة للتوقيع على اتفاقية الشراكة مع طهران، فيما شدد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، على أن الاتفاقية الروسية الإيرانية ليست موجهة ضد أي دول ثالثة.

وفي وقت تقتضي فيه الاتفاقية تطويراً لكافة جوانب التعاون الثنائي، بما في ذلك في مجال الدفاع، إلا أنها لا تنص على إقامة حلف عسكري أو منح أي ضمانات أمنية متبادلة، على عكس الاتفاقية المماثلة التي وقّعتها روسيا مع كوريا الشمالية في العام الماضي، وما تلا ذلك من انتشار أنباء عن مشاركة عسكريين كوريين شماليين في أعمال القتال في مقاطعة كورسك الحدودية الروسية للتصدي للتوغل الأوكراني المستمر منذ أغسطس/آب الماضي.

أسباب قمة بوتين وبزشكيان

تعليقاً على هذا الاختلاف، استبعد الصحافي المتخصص في الشؤون الإيرانية، الخبير بالمجلس الروسي للشؤون الدولية، نيكيتا سماغين، أن تشكّل الاتفاقية نقلة نوعية في مستوى العلاقات بين البلدين، لا سيما في مجال الدفاع والأمن نظراً لتباين مصالح البلدين وتشابكها في ملفات عدة إقليمياً ودولياً.

وقال سماغين، الذي عمل مراسلاً لوكالة تاس الرسمية الروسية في طهران لبضع سنوات: “بدأت الأحاديث حول إبرام الاتفاقية منذ عهد الرئيس الإيراني الأسبق حسن روحاني، ووزير خارجيته محمد جواد ظريف، ولكن عملية تدقيقها استغرقت وقتاً طويلاً ربما لوجود خلافات بشأن قسم أو أقسام من الاتفاقية”.

وقلّل من أهمية التوقعات بأن التوقيع على الاتفاقية سيحدث نقلة في مستوى العلاقات الروسية الإيرانية، مضيفاً: “مقارنة مع فحوى الاتفاقيات التي أبرمتها إيران مع الدول مثل سورية والصين وفنزويلا، تبدو اتفاقية الشراكة مع روسيا أقرب إلى مذكرة نيات من شأنها تثبيت المستوى الحالي للتعاون”.

وحول رؤيته للعقبات أمام إبرام معاهدة شراكة استراتيجية ذات نفس المستوى من التحالف على غرار تلك بين روسيا وكوريا الشمالية خلال قمة بوتين وبزشكيان رأى سماغين: “يسعى الإيرانيون للتوصل إلى اتفاقات في مجال توريد الأسلحة، ولكن خلافات قد تكون نشبت هنا من جهة حصول روسيا بالفعل على حاجيتها من المسيّرات الإيرانية وتنظيم إنتاجها داخل البلاد، بينما لا تزال إيران تطمح إلى الحصول على مزيد من الأسلحة الروسية المتطورة، ولكن موسكو مضطرة في هذه المسألة لمراعاة هموم شركائها في المنطقة مثل السعودية والإمارات وقطر، ناهيك عن الشكوك في الجدوى الاقتصادية من إبرام صفقات أسلحة جديدة مع طهران”.

تثبيت التعاون الروسي ـ الإيراني

رأى رئيس مركز دراسات الشرق الأوسط، الأستاذ الزائر بالمدرسة العليا للاقتصاد في موسكو، مراد صادق زاده، أن التوقيع على الاتفاقية في قمة بوتين وبزشكيان يشكل تثبيتاً لمستوى التعاون، لا سيما في مجال التجارة والاقتصاد طالما لا تنص النسخة النهائية من الاتفاقية على إقامة تحالف عسكري.

وقال صادق زاده: “يشكل التوقيع على الاتفاقية تثبيتاً هاماً لمستوى العلاقات التجارية والاقتصادية والسياسية بين موسكو وطهران اللتين توجهتا منذ عام 2015 نحو آفاق جديدة من التعاون والتنسيق في مختلف جوانب الأجندتين الثنائية ومتعددة الأطراف. على الرغم من رغبة فريق الإصلاحيين بقيادة بزشكيان في عقد مفاوضات مع الغرب، إلا أنهم يرغبون أيضاً في مواصلة نهج الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، من جهة مزيد من التقارب مع روسيا، ما يعني أنهم يعتبرون موسكو شريكاً رئيسياً على المستويين الإقليمي والعالمي”.

وقلل صادق زاده من أهمية المزاعم بوجود خلافات أدت مراراً إلى إرجاء التوقيع على الاتفاقية، مضيفاً: “تفيد معلومات بأن الاتفاقية تضم 47 مادة تغطي الطيف الكامل من العلاقات بين البلدين، ما يعني أن تدقيق كافة البنود الهامة تطلب وقتاً وتنسيقاً بين الجهات المعنية من الطرفين، ناهيك عن تأخر العمل إثر مقتل رئيسي جراء تحطم مروحيته العام الماضي.

مزاعم المساومات بين إيران والولايات المتحدة تندرج ضمن التكهنات والمضاربات، خصوصاً أن النسخة النهائية من الاتفاقية لا تؤسس لحلف عسكري، بل تستهدف بالدرجة الأولى تطوير العلاقات التجارية والاقتصادية والإنسانية”.

يشار إلى أن العلاقات الروسية الإيرانية تنظمها حالياً اتفاقية أساسيات العلاقات ومبادئ التعاون بين موسكو وطهران المؤرخة بعام 2001 والتي أبرمت في الأساس لمدة خمس سنوات، ولكنه كان يتم تمديدها تلقائياً لخمس سنوات مرة تلو الأخرى، إلى أن تحل الاتفاقية الجديدة محلها.